اقتصاد الخبير المالي لطفي بن عيسى: كان على حكومة مهدي جمعة إصلاح الجباية ومقاومة التهريب عوض إثقال كاهل المواطن بزيادات لا تنتهي
ينطلق المجلس التأسيسي خلال هذا الأسبوع في مناقشة مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2014 والذي صادقت عليه حكومة المهدي جمعة. وفي هذا الصدد، رصدنا رأي الخبير في المالية العمومية والقيادي في حزب القطب والجبهة الشعبية لطفي بن عيسى الذي اعتبر انّ القانون التكميلي يضرب المقدرة الشرائيّة للمواطن التونسي في الصميم ونادى بضرورة تعزيز آليات الرقابة لاستخلاص الجباية. كما شدد محدثنا على ضرورة الإلتفات الى معضلة السوق الموازية قائلا إنّ التهريب أنهك الإقتصاد الوطني..
ما هي قراءتك الأولية لمشروع الميزانية التكميلي؟
لئن ادعت الحكومة ابان تسليم مشروع هذا القانون الى رئاسة المجلس التأسيسي انّه لن يمسّ بالطبقات الضعيفة، فإنه يتضمّن في طيّاته عديد الآليات والإجراءات التي تثقل كاهل المواطن نذكر من أهمّها تفكيك عملية الدعم والنقل والمحروقات اضافة الى تجميد الأجور. ولا ننسى أنّ هذا المشروع الذي يضرب المواطن في مقدرته الشرائيّة هو من املاء صندوق النقد الدولي الذي يفرض على الدول التي تتخبّط في أزمات اقتصاديّة سياسة تقشّف صارمة.
وهل لديكم مقترحات بديلة في الجبهة الشعبيّة؟
بلورنا كخبراء مالية بالجبهة الشعبية قانون ميزانية بديلا تضمن مراجعة للأسس التي بنت عليها الترويكا مشروعها الذي صادق عليه التأسيسي بأغلبية الأصوات. وقد ركزنا في مشروعنا على عدة عناوين أساسية منها أن توفر حكومة مهدي جمعة الظروف الملائمة لانتخابات ديمقراطية ، ونقصد في خطوة أولى تفعيل خارطة طريق لمقاومة الارهاب والعنف فضلا عن مراجعة التعيينات، عوضا عن الدخول مباشرة في فرض سياسات تقشف في المسافة الأخيرة من المرحلة الانتقالية.
ونعتقد أنّ هذا العنوان السياسي يمثل ركيزة أساسية لارجاع الأمل الى نفوس الناس ولكي يضعوا ثقتهم في الطبقة السياسية سواء كانت في الحكم أو في المعارضة، ويتم ذلك من خلال طمأنة المواطن على قدرته الشرائية وفتح الآفاق بالنسبة الى العاطلين عن العمل.
لا توافقون إذن على التمشي الذي اعتمدته حكومة مهدي جمعة؟
بالتأكيد يجب التخلي عن كل الاجراءات التي جاء بها قانون المالية الأصلي والنظر في الزيادة في دخل الأجير والمشغل الصغير سواء كان ذلك في المجال الخدماتي أوالصناعي. ومن ضمن الاجراءات التي نعمل على تفعيلها، كيفية تحسين الدخل من خلال اجراء جبائي يعفي كل من له دخل ما بين 1000 و5000 دينار. وأمّا بالنسبة للأجراء والمشغلين الصغار تكون الضريبة عليهم بمعدل 40 دينارا في الشهر. وفي نفس الوقت لابد من الدخول في مفاوضات بين اتحاد الشغل واتحاد الأعراف لمناقشة الزيادة في الأجور، تلي ذلك مراجعة ضريبة الدخل على الأشخاص الطبيعيين وفي ذلك رسالة الى المواطن بأنّ هناك آفاقا رحبة في هذا البلد يمكن أن تؤثر على عزوفه عن الانتخابات وأخص بالذكر هنا الشباب الذي لم يتلق أي رسالة ملموسة تطمئنه.
وعلى الدولة التونسية التعويل على قدراتها الذاتية عوض الالتجاء الى الموارد الخارجية، ففي سنة 2013 ارتفعت نسبة التداين الخارجي الى 10 نقاط من الناتج الداخي الخام، وبلغ الناتج الداخلي الخام لسنة 2013، 84 مليار دينار منها 42 مليار دينار تداين خارجي أي بنسبة خمسين بالمائة.
ماهي تصوراتكم لمسألة التهرب الضريبي؟
اقترحنا في لجنة الخبراء بالجبهة الشعبية وضع خطة لمقاومة التهرب الجبائي بإعتبار أنّ القطاع المنظم يضمّ ما يقارب الـ400 الف شخص سواء كانوا تجارا أو مسدي خدمات أو صناعيين منخرطين في منظومة النظام التقديري، فهم يساهمون بنسبة ضئيلة جدا تقدر ب24 مليارا ويعد ذلك غيضا من فيض مقارنة بما يساهم به الأجراء والذي تبلغ قيمته 1500 مليار في السنة.
وهناك صنف ثان من النظام التقديري الذي يطبق على المهن الحرة والتي ينضوي تحتها 44 ألف شخص لا يساهمون إلاّ بـ 97 مليارا في السنة. وإذن لابد من إيجاد خطة جديدة لإصلاح المشهد الجبائي ولدفع الأجراء وأصحاب المهن الحرّة على تسديد ضرائب ملائمة لمداخيلهم.
التجارة الموازية عبء ثقيل على كاهل ميزانية الدولة، فما هي تصوراتكم لمجابهته؟
الاقتصاد الموازي أصبح ظاهرة هيكلية في يومنا هذا بحكم أنه خارج الرقابة والسيطرة مع العلم أنّه يشغل تقريبا نصف الطاقة الشغيلة دون أي تغطية اجتماعية. علينا إذن مواجهة هذه الظاهرة التي تراهن على عجز ادارة الجباية وعجز مصالح الديوانة على مراقبتهم ، لأن المتهربين من الضرائب في مأمن تام منها.
وعلى ضوء ذلك يجب تعزيز القدرات البشرية لدى مصالح المراقبة الجبائية ومصالح الديوانة بـ1500 عون ينتدبون ويتم تكوينهم تكوينا مكثفا لمدة 6 أشهر بداية من سنة 2014 لتتواصل عملية الانتداب هذه على مدى 4 سنوات قصد تعزيز الموارد البشرية وهي عملية مربحة للدولة على المدى المتوسط والبعيد. وفي نفس الوقت يجب وضع خطة مرحلية لمقاومة الارهاب وتهريب المخدرات والبضائع، وبخصوص تجار البضائع المهربة فيجب ادراجهم وفق خطة مرحلية في القطاع المنظم من خلال منح كل واحد منهم معرفا جبائيا.
ويجب التأكيد على ضرورة مقاومة الارهاب الذي تراخت الترويكا في مجابهته لأنه يتقاطع مع التهريب وكل منهما يتغذى بالآخر .
حاوره: نضال الصيد